صبايا فاتهن قطار الزواج بقرارهن : الزواج المبكر كارثي والحياة ليست زواج فقط ..!

خط أحمر – ديبه الشعار:

أفرزت الحرب مسائل اجتماعية تستدعي التوقف عندها مليا ، ليس تلك على الصعد المعيشية والاقتصادية ،بل على الصعيد الاجتماعي ،فمع تزايد هجرة الشباب خارج حدود الوطن لأسباب شتى حصل عدم توازن وخلل في سوق زواج الفتيات وارتفاع نسب العنوسة ،ومع دخول موجات الغلاء والتضخم والاوضاع الاقتصادية ستقل نسب الزواج بالمجمل ..وارتفاع نسبة العنوسة التي لم تعد تخفي حالها ..في وضع صار تامين لقمة العيش عبء كبير ،أي أن تكاليف الزواج باتت مرهقة .. فأثر كل تلك الظروف أجلت مشروع الزواج عند جيل الشباب المتبقي في البلد الى أجل بعيد وغير معلوم .. لكن على الغرار هناك صبايا كان لهن رأي وسلوك آخر ليس برفضهن للزوج ،بل لتأجيله لبلوغهن سن معينة أو لأنهائهن الدراسة او بعض الارتباطات وهن اليوم سعيدات بحياتهن وتأخيرهن بقرار الزواج ..حالة موجودة وان كانت بنسب قليلة ،وهي ليست بالتمرد على واقع وعرف اجتماعي ، برغم حض الدين على الزواج،ولكن بعض العلماء كان لهم خيارهم الحر ففي مذكرات “دار وين” : (واجهته معضلة عويصة حين فكر أن يتزوج وتعذب في حيرته واتخاذ قراره ، لكنه اقتنع في النهاية بعدم الزواج واكتفى أن يكون منذوراً للطبيعة وحاملاً لمصباحها)، ويقول “أرسطو”:( دعوا الإنسان يقرر الطريقة التي سوف يندم عليها).
كان ل ” خط أحمر ” وقفة مع ثلاث صبايا يمتلكن الجرأة والكلمة الصادقة وتكلمن بكل اريحية لنتابع :
الآنسة وفاء أبو قاسم خريجة معهد متوسط مصرفي تقول:
عملت معلمة وكيلة بريف حلب ولم أثبت، فعدت لـ”سلميه” وتسلمت محل سمانة ضمن المنزل لوالدي الراحل، لنعيش منه أنا وأختي، لأني عازبة أتحمل أعباء اقتصادية واجتماعية تفوق طاقتي، وأتعرض لمواقف صعبة؛ لذلك تخليت عن أنوثتي لأقوم بأعمال كرجل، لكنها لم تقتل عاطفة الأمومة داخلي فكم يقهرني رؤية طفل يتيم جائع أو مريض بلا رعاية، وأتمنى أن يسمح للعزباء بتبني طفل وتربيته وهنا فائدة مشتركة فهي ستمارس أمومتها والطفل يربى في بيئة سليمة، لا أشعر أني ظلمت نفسي كأنثى ولكل إنسان ظروفه، وليس المهم ذكر وعلاقة جسدية ،بعض الذكو ر يقتل روح المرأة، والأنثى ليست مفاتن تظهر للعيان بل هي ذكاء وحياء ونجاح وأينما أكون أعامل كسيدة وليس كجسد، ولست معتكفة عن الزواج بقناعة تامة؛ وأؤمن أن الزواج ليس قراراً بل قدراً، ولكل إنسان رسالة في الحياة، ففي مقتبل عمري فضلت أن يكون الشريك ضمن مواصفات ومن مدينتي لأن الإندماج في بيئة جديدة مختلفة قد يعرضني للفشل، لذلك أنصح كل عازبة أن تؤمن بقدراتها ولا تهتم للتفاهات وسطحية التفكير التي تطلق عليها لقب عانس وأن تعيش حياتها، أما المجتمع فأنا من يفرض عليه احترامي، ولا يعنيني تقييمهم لي لمجرد عدم الزواج، فالنساء سيسلطن ألسنتهن بغض النظر عن الحالة الإجتماعية للأنثى، ومجتمعنا الذكوري حدّ من خيارات الأنثى وخاصةً عندما تكون بعمر صغيرمثلاً20 عاماً، فهي تخضع لعرف وتقاليد عائلتها وللعامل الاقتصادي، بالإضافة للمجتمع الذي تعيش فيه الفتاة داخل أو خارج مدينتها سيمنحها فرص التعارف أكثر، ولا أحبذ فكرة الإستقلال عن الأسرة، والزواج دون رغبة الأهل لأن التجارب أثبتت فشل الحياة الزوجية وتحملت المرأة عبئاً نفسياً، لا تستطيع العودة إلى أهلها، ولا أفضل الزواج من غير العربي، (فلي صديقة تزوجت بشاب أرمني وأنجبت طفلاً لم يسجل الزواج ولا الطفل، وتخلى عنها الزوج فاضطرت أن لتسجيله باسم والديها)
أما أمل حسين صبية موظفة قالت :
أتابع دراستي لأحصل على فرع إدارة مشاريع صغيرة وأنا موظفة، لست ضد الزواج، ولكن ضد الزواج المبكر والانصياع لآراء الآخرين وتحكم المجتمع بي لتمسكه بالتقاليد القديمة والتعصب والتشدد ومصادرة حرية الأنثى، مما أدي لدمار مرحلة الشباب والطفولة، والنساء حولي يفضلن لو أني تزوجت مبكرا كي لا أكبر بالعمر عازبة ويتحدث الناس عني بالسوء، وكأنهم يرون بالزواج منقذهم للحياة السعيدة والفضيلة، بينما الزواج قرار مصيري ومسؤوليات وواجبات تجاه البيت والأسرة والزوج، متناسين مراحل طفولتهن وسنين عمرهن التي ذهبت سدى دون تحقيق أي هدف، لذلك أرى بأن الفتاة لا تنضج إلا بعد الـ25 عاماً لتقرر بشكل عقلاني، شريك حياتها حتى لا تقع في فخ أخطاء الآخرين الذين تزوجوا بسن مبكرة وفشلت حياتهم الزوجية وانتهت بالطلاق بسبب قلة الوعي والنضج ولن أندم على رفضي أي شخص جاء للارتباط لأني الآن أقدر على اتخاذ القرار، وأنا امرأة من عالم نقي ترفض النواقص، فالحياة لمن عشقها ، لذلك بعيداً عن الأقاويل والأحاديث في مجتمع همه الوحيد أن يدمر حياة الآخرين ويتدخل بخصوصياتهم لذلك صنعت لنفسي عالماً خاصاً وتعلمت أن الحياة ليس زواج فقط بل أن أكون سيدة نفسي والمواقف والمصاعب والانكسارات، وحكيمة نفسي والآخرين، صبورة، محبة فأنا لم أبخل لمن يطلب مني المساعدة حتى ولو كنت بأمس الحاجة لها فلا يأس مع الحياة المفعمة بالإيمان والزواج هو قدر، والحرب أخذت جيلاً من شباب الثمانينات والتسعينات والكل يتحمل نتائجها فأصبح الزواج صعباً على الجميع، وحالة الطلاق كبيرة بسبب المعيشة الصعبة وعدم قدرة الشباب على تأمين حياة مستقرة لذلك لم أرضخ للظروف وقررت الاستمرار بتحقيق طموحي ومتابعة دراستي ومساعدة أهلي لأنهم بحاجتي؛ وكوني لم أتزوج لا يعني أني فاشلة بل مكافحة ومتفانية.
أما إلهام السليمان خريجة معهد إعداد مدرسين للفنون النسوية قالت : منذ تخرجي من المعهد قضيت 17 عاماً في رياض الأطفال، وفي مهام متفرقة آخرها مفرغة مكتبية في الشعبة، أنا لي رؤيتي كوني عازبة، فالزواج بين الرجل والمرأة يحتاج التوافق فكرياً ونفسياً وعاطفياً وروحياً، وهو أمر قدري كالولادة والموت، ولم أرفض الزواج يوماً ولكني لم ألتق بالشخص المناسب ومع التقدم بالعمر بات الأمر أصعب والخيارات أقل خاصة وأن الأنثى مع تقدمها بالعمر تصبح غير قادرة على الإنجاب، وأنا لن أتزوج لمجرد الزواج ولن يكون هماً وعبئاً مضافاً لي ولن أتزوج مسناً لأكون ممرضة له، ومارست الأمومة من خلال علاقتي بأولاد أخوتي وأخواتي، وطلابي، وأود أن أقدم نصيحة لبنات هذا الجيل أن تهتم بتحصيلها العلمي كي لا تحرق نفسها بالجهل، ولا تتجاهل عواطفها ولكن بحكمة ولا تعتبر أن الرجل هو النصف الآخر بل كل منهما كامل بحد ذاته..