خاص – خط أحمر :
ارتفاع تكاليف المعيشة الشهري بات كابوساً يدق باب الأسرة السورية عند كل صباح ومساء،ومصاريفهم اليومية تسابق خطواتهم نحو كسب العيش، وعند السؤال عن حاجة الأسرة لتؤمن حاجتها من الطعام والشراب لم تختلف الإجابة، فحجم الغلاء لايتناسب ولا بأي شكل من الأشكال مع دخولهم وباتت أسرة مؤلفة من أربعة أشخاص تحتاج لما لايقل عن مليوني ليرة لتأمين ابسط غذائها.
يقول سمير مصطفى موظف ولديه أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص أعمل أنا وزوجتي وكذلك لدي عملي الإضافي ولا أكاد أؤمن أبسط الحاجات اليومية من الغذاء لأبنائنا ونحتاج لأكثر من مليونين ونصف ليرة فما تدخله أسرتي لا يصل لحجم مانحتاجه من استهلاك حاجات يومية وكل مانحصل عليه لايسد الرمق.
وتجيب أم محمود لدى سؤالها عن قدرتها على تأمين احتياجات أسرتها من طعام :لقد استغنينا عن الفروج واللحوم ونتناول الفطور والغداء وأحيانا وجبة واحدة وهي تحتاج لأكثر من ٤٠ألف ليرة لتأمين أقل حد من الغذاء لأفراد أسرتها، هذا غير الدواء وأما اللباس فلم يعد بمتناولها شراؤه وتقول انها تضطر للعمل الإضافي وهذا ما يجعلها تتغيب عن منزلها وأولادها طيلة النهار.
استاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور شفيق عربش أكد لخط أحمر أن تكاليف المعيشة اليومية لأسرة صغيرة باتت مرعبة وتحتاج بين ٥٠ألف إلى ٦٠ ألف ليرة في اليوم وفي ظل ارتفاع الأسعار الهائل تكاد تعيش في حدود الكفاف ومعظم الأسر باتت تفتقد للتغذية الحقيقية، فأرباب الأسر يعملون أكثر من مهنة ودوام من الرجال والنساء ومع ذلك تكاليف المعيشة تسبقهم بما لايجعلهم قادرين على تأمين أدنى المتطلبات لقاء دخول قليلة لاتتناسب مع قدراتهم الشرائية، فغالبية ذوي الدخل المحدود يسعون لتأمين عيشهم من عرق جبينهم لذلك هم يواجهون تكاليف باهظة للمعيشة اليومية ويعيشون كل يوم بيومه.
ويتابع عربش أمام هذه الحالة نتساءل عن الحلول والإجراءات الحكومية التي تعتبر غائبة فيما فرض الرسوم ورفعها حاضر ليتحول بالنهاية لزيادة الأسعار على ذوي الدخل المحدود، وهذا ما أدى إلى انخفاض المستوى المعيشي بشكل واضح، ولايمكن اغفال مايحدث من ارتفاعات لأسعار حوامل الطاقة والمشتقات النفطية، ومنها ارتفاع أسعار الغاز المنزلي بنسبة ٤٠٪ وكذلك البنزين، وهذا بدوره سينعكس ارتفاعاً في الأسعار والتكاليف المعيشية مقابل بقاء الدخل على حاله مبدياً الاستغراب من التجاهل الحكومي لمتطلبات معيشة المواطن واتخاذ إجراءات لاتقدم أي حلول .
وبين عربش أن أهم الحلول للواقع الاقتصادي الحالي هو في إطلاق عملية الإنتاج وهذا يحتاج لكثير من الوقت وتأمين المناخ المناسب لعملية الإنتاج والاستثمار لتسير بالشكل الصحيح وخلق حالة من المنافسة وهي بدورها تؤدي إلى انخفاض الأسعار،وأما البقاء في نفس المبررات في أن مايحصل من تراجع هو بسبب العقوبات لم يعد مجدياً والحاجة ضرورية لحلول واقعية.
بدوره أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة رد لخط أحمر حول تكاليف المعيشة قائلاً أن أدنى تكلفة شهرية للمعيشة الشهرية للأسرة أكثر من مليون ليرة وهذا بعيدا عن مايسمى البروتين الحيواني من لحوم وحليب ومشتقاته وحتى الحمص والفول أصبح خارج المائدة الذي لم تكن تستغني عنه الأسرة فقد استغنت عنه وكثير من الأسر تشتري بقايا الخضار من البائع ومالم يحصل تحسن في الدخل فإن الصعوبات كبيرة امام الأسرة.. والكثير من الأسر لم يعد لديها مدخرات أو مونة تقيهم حر التكاليف الباهظة، وفي المقابل لم يلمس المواطن اي تحسن أو حتى مايتعلق بالخطط الاقتصادية المجدية ورغم المطالبات في مؤتمر العمال والحديث عن تراجع الوضع المعيشي لم يتعدى الكلام، فعند شكوى المنتجين يتم التجاوب معهم، متسائلا.. لماذا لا يتم التجاوب بتحسين الوضع المعيشي للمواطن او التدخل في سعر الصرف بما ينعكس بنتائج إيجابية .
وأشار حبزة إلى أنه من خلال التساؤل كيف تتدبر الأسر السورية معيشتها؟ نستطيع أن نقسم أربع مستويات للمعيشة هنالك فئة التجار استفادت من ارتفاع سعر الصرف في تحقيق الأرباح ويعيشون بمستوى مريح، وثانيهم من لديهم مغتربين في الخارج يتلقون حوالات منهم بحسب حجم الحوالة يتدبرون أمورهم، وأصحاب المهن الحرة وهم استطاعوا التماشي مع ارتفاع الأسعار برفع أجور عملهم ، لتبقى الفئة المتضررة من ذوي الدخل المحدود الموظفين والمتقاعدين الذين لا يتجاوز دخلهم الشهري في أحسن الظروف ٣٥ألفا ليرة وهم الفئة الأكبر بالنسبة لباقي الفئات يتكلون على الخبز المدعوم عبر البطاقة في غذائهم الرئيسي ولديهم عوز غذائي ومنهم من يحصلون على المساعدات من الجمعيات الخيرية ، في ظل نفقات فوق التصور وحتى لوانخفضت الأسعار، فإنها لايمكن أن تتناسب مع قدرتهم المادية لذلك هم بأمس الحاجة لرفع الدخل.